أشهد أن دمك سكن في الخلد 1
من محاضرات المرجع الشيخ حسين الخراساني دام ظله نقلت مع التصرف .
قال يونس للإمام الصادق عليه السلام : (جعلت فداك إني كثيراً ما أذكر الحسين ، فأي شئ أقول؟
فقال قل: صلى الله عليك يا أبا عبد الله . تعيد ذلك ثلاثاً ، فإن السلام يصل إليه من قريب ومن بعيد....
قال له يونس: جعلت فداك إني أريد أن أزوره فكيف أقول وكيف أصنع؟
قال: إذا أتيت أبا عبد الله فاغتسل على شاطئ الفرات، ثم البس ثيابك الطاهرة، ثم امش حافياً فإنك في حرم من حرم الله وحرم رسوله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، والتعظيم لله عز وجل كثيراً، والصلاة على محمد وأهل بيته ، حتى تصير إلى باب الحائر ، ثم تقول:
السلام عليك يا حجة الله وابن حجته.
السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله.
السلام عليك يا ثأر الله وابن ثاره.
السلام عليك يا وتر الله الموتور في السماوات والأرض ) .
تأملوا جيداً ، فالسلام الأول سلام عام ، وبعده ثلاث تسليمات خاصة ! وهنا المعرفة والحكمة! إن لُباب العلم في كلمات الأئمة المعصومين عليهم السلام ، والعقل البشري يحتاج الى مدد إلهي وعناية ربانية ، ليصل الى شعاع من تلك الشموس المتوهجة !
السلام عليك يا حجة الله وابن حجته.. وهذه الصفة سمةٌ عامة للأئمة الذين جعلهم الله ذرية مباركة بعضها من بعض ، لكن ما بعدها صفاتُ وسماتٌ خاصة بالحسين لا يشترك معه فيها غيره ، حتى أبوه صلوات الله عليهم.
السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله.. تعبيرٌ بليغٌ لنوع فريد من الشهادة لله تعالى على خلقه ، شاركه فيه أبوه أمير المؤمنين عليه السلام ، لكن الحسين عليه السلام اختص بأنه قتيل الله وابن قتيله ! فقد كُتِبَتْ له هذه السمة الفريدة من عالم الغيب:
قتيل الله وابن قتيله!
فلا تجد هذا المنصب الرباني لغيره في كل تاريخ البشرية ، ولا في مقامات الأنبياء والأوصياء والشهداء عليهم السلام .
ومن الممكن لنا أن نفهم صفة: قتيل الله وابن قتيله ، وثأر الله في الأرض وابن ثاره.. لكن العبارة المحيرة للعقول هي:
السلام عليك يا وتر الله الموتور ، في السماوات والأرض !
ثم ، بعد هذه المقامات الثلاثة ، قال الإمام الصادق عليه السلام : أشهد أن دمك سكن في الخلد ، واقشعرت له أظلة العرش ، وبكى له جميع الخلائق !!
فصاحب هذا المقام الذي نريد أن نعرِّفه للمسلمين، جوهرٌ منحصرٌ بفرد! وإنجازاته كليٌّ منحصر بفرد ! وفي كل فقرة من هذه الدرر أبحاثٌ تستغرق ساعات ، ولا ندعي الكمال في الشارح ، بل نأمل الإستعداد في المستمع .
والمهم الآن أن نفهم ما الذي حدث حتى صار دم الحسين عليه السلام من سكان عالم الخلد؟!
فعالم الخلود مكان التجرد ، وذهاب الروح اليه وسكناها فيه منسجم مع الأصل ، لكن ذهاب الدم وسكنه فيه ، يعني أن الروح حدث فيها تطور فصار مقرها فوق الخلد!
وأن الدم صار من نوع الروح فسكن الخلد ! معنى ذلك أن الحسين عليه السلام وصل الى درجة أن الخلد صار مسكناً لدمه الطاهر، أما روحه فمسكنها في درجة فوق الخلد ، لا نعرفها .. ...يتبع
***********