معرفة السيدة الزهراء (ع) 2
من أبحاث المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني دام ظله :
قالوا: يا نبي الله! وكيف هي حوراء إنسيّة ؟
قال: خلقها الله عزّ وجلّ من نوره.
وممّا يحارُ منه الكُمَّل تغير بيان النبي (صلى الله عليه وآله) فبعد أن كانت مجهولةً حيث قال: (خلق نور فاطمة) صارت معلومة هنا بأن هذا النور من نور الله. فقد خلقها الله عزّوجلّ من نور ذاته القدسية. وإنّ فهم ذلك لا يتيسّر إلاّ لمن فهم سورة النّور، وفهم قوله تعالى:(الله نورالسماوات والأرض مثل نوره كمشكاة)، فقد فسّرت المشكاة بالصديقة الكبرى، فالله خلقها من نوره قبل خلق آدم حيث قال (صلى الله عليه وآله) في تتمّة هذا الحديث: فلمّا خلق الله عزّوجلّ آدم، عرضت على آدم.
(وعلّم آدم الأسماء كلّها) فهذا من بطون القرآن.
قيل: يا نبي الله! وأين كانت فاطمة ؟
أي عندما كانت خلقتها قبل السماوات والأرض فأين كان مكان فاطمة حين ذاك؟ وهذه الأسئلة تكشف عن مدى إدراك السائلين. فأجابهم (صلى الله عليه وآله):
قال: كانت في حُقّةٍ تحت ساق العرش.
قالوا: يا نبي الله! فما كان طعامها ؟
فقال: التسبيح والتّقديس والتّهليل والتّحميد.
كان قوتها هذه الأمور الأربعة: تسبيح الله، وتقديس الله، وبين التسبيح والتقديس فرق عميق جداًّ، ثم تهليل الله، و ينتهي الأمر بالتحميد.
ذاك كان مكانها ومنزلها في حقّة تحت ساق عرش الرحمن. وهذا طعامها وقوتها.
ثم قال: فلمّا خلق الله عزّوجلّ آدم، وأخرجني من صلبه، وأحب الله عزّوجلّ أن يخرجها من صلبي، جعلها تفّاحة في الجنّة.
فكان محبوب الله: أن هذا النور يخرج من صلب النبي (صلى الله عليه وآله).وكل هذه الأفعال نُسبت إلى الله بلا وساطةٍ.
ثم قال: وأتاني بها جبرئيل فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
يا محمد! إنّ ربّك يُقرئك السلام. قلت: منه السلام وإليه يعود السلام.
قال: يا محمد! إنّ هذه تفّاحة.
فلم يخاطبه بـ (يا رسول الله) بل خاطبه بإسمه الخاص، لأن المتكلِّم هو الذّات القدسيّة، والمبلّغ عنه جبرئيل حيث قال:
إنّ هذه تفّاحة أهداها الله عزّوجلّ إليك من الجنّة.
وإنّ الهدايا على مقدار مهديها، فهذه التفاحة هديّة الله لك. فماذا يعني ذلك ؟ يعني لا أحد سواك يليق بهذه التّفاحة، وقد أعطاكها الله بعنوان الهديّة.
فالتي هي هديّة الله لخاتم النبيين، فكيف يمكن لنا أن ندرك عظمتها حينئذٍ؟
ثم قال (صلى الله عليه وآله): فأخذتها وضممتها إلى صدري.
قال: يا محمد! يقول الله جلّ جلاله: كلها! ففلقتها، فرأيت نوراً ساطعاً وفزعت منه.
يتبع ......