معرفة السيدة الزهراء (ع) 1
من أبحاث المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني دام ظله :
إن الصديقة الكبرى، مجهولةٌ كما جاء في وصفها: (المجهولة قدراً). وجهالة القدر هذه لا تختصّ بجمع دون آخر.
و الجهل - تارة - یُسند الی جاهلٍ معین فلا محالة یحصل التعدّد. و تارة یکون طرف الاسناد مبنیاً للمجهول کما فی هذه الجمله : " المجهولة قدرا ".
ولذا فإنّ عامة الناس إلاّ أخصّ الخواص محرومون من هذه المعرفة. وأما عن كنه معرفتها فالجميع محرومون، (لأن الخلق فُطموا عن معرفتها)، فمطلق الخلق قُطِعوا وفُصلوا عن معرفتها.
ولو كنا قد عرفناها،لما كان هذا القصور والتقصير بالنسبة إلى ساحتها.
إن معرفة أي شخصيةٍ تتحقق بأمرين:
الأول: المبدأ. والثاني: المنتهى.
و إنّ الروايات الواردة في مبدأ ومنتهى الصديقة الكبرى لا تحتاج إلى سندٍ، لأنها بلغت حدّ التواتر الإجمالي. مضافاً إلى توفّر صحاح الرّوايات وموثّقاتها عن منابع العصمة.
والبحث في مبدأ خلقة الصديقة، والبحث في منتهى خلقتها يوم (برزوا لله الواحد القهار) لممّا تحار منها العقول. ونكتفي في ذلك برواية واحدة رواها الشيخ الصدوق – أعلى الله مقامه – في كتاب معاني الأخبار. والأساس إنّما هو في دراية الرواية وفقهها. وهذا الحديث مشتملٌ على مبدأ خلقتها، ومنتهى أمرها. ويتحتّم علينا قراءة نفس الحديث:
عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام)،أنه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : خُلِقَ نورُ فاطمة قبل أن تُخْلَق الأرض والسماء.
فتقدمت خلقة قدّيسة العالم هذه على خلق جميع السماوات والأرضين، والمجرّات والثّوابت والكواكب السّيارة. فما يكون جوهر وذات وجودها حينئذٍ؟
وأما مقدار هذه القبلية فلا يعلم ذلك إلا هو.
فقال بعض الناس [ لرسول الله ] : يا نبي الله! فليست هي إنسيّة ؟
يعني أنه إذا تقدمت خلقتها على خلق كلّ العالم المادي فلا يكون هذا المخلوق من الإنس حينئذٍ، بل هي جوهر وذات أخرى! فأجابهم النبي (صلى الله عليه وآله) :
فقال:فاطمة حوراء إنسيّة.
فالصورة صورة إنسان، و لكنها في باطن وجودها هي حوراءُ في مرحلة التقدّس عن جميع عوارض هذا العالم.
قالوا: يا نبي الله! وكيف هي حوراء إنسيّة ؟
قال: خلقها الله عزّ وجلّ من نوره.
وممّا يحارُ منه الكُمَّل تغير بيان النبي (صلى الله عليه وآله) فبعد أن كانت مجهولةً حيث قال: (خلق نور فاطمة) صارت معلومة هنا بأن هذا النور من نور الله. فقد خلقها الله عزّوجلّ من نور ذاته القدسية. وإنّ فهم ذلك لا يتيسّر إلاّ لمن فهم سورة النّور، وفهم قوله تعالى:(الله نورالسماوات والأرض مثل نوره كمشكاة)، فقد فسّرت المشكاة بالصديقة الكبرى، فالله خلقها من نوره قبل خلق آدم حيث قال (صلى الله عليه وآله) في تتمّة هذا الحديث: فلمّا خلق الله عزّوجلّ آدم، عرضت على آدم.
(وعلّم آدم الأسماء كلّها) فهذا من بطون القرآن.
قيل: يا نبي الله! وأين كانت فاطمة ؟.....
يتبع
الفضيلة واتس اب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق