الأحد، 25 مايو 2014

الامام الكاظم،وهارون،الرشيد

الامام الكاظم وهارون الرشيد 1

قال الله تعالى:(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ). (سورة البقرة:269)
وهي آية عجيبة ، تدل على أن الحكمة إعطاءٌ من الله تعال لأناس مخصوصين(مَنْ يَشَاءُ) ، فمن هو هذا الذي يكون مورد مشيئة الله تعالى؟

إن فهم القرآن والسنة والبحث فيهما والوصول الى غورهما ، ليس أمراً سهلاً كما يتصور البعض ، بل أمر في نهاية الصعوبة .

والله تعالى ليس بحاجة الى أن يبحث الناس كلامه ويحققوه ، فكلامه تعالى هو الحق المطلق ، لكن الذين يبحثون فيه ويصلون الى عمقه ، هم الذين أعطاهم الحكمة والخير الكثير ، الخير الذي يصفه رب العالمين بأنه كثير !
هذه الحكمة التي يعطيها الله لمن يشاء أين توجد ؟
هل توجد في شفاء أبي علي سينا ؟ كلا .
هل توجد في شرح العرشية للملا صدرا ؟ كلا .
في قبسات ميرداماد .. أبداً .

هذه الحكمة التي تعطى لمن يشاء ، والتي هي الخير الكثير ، لابد أن نسأل عنها مفسر القرآن الذي هو لسان الله الناطق والإمام المعصوم ، فهو يقول عنها إنها: ( طاعة الله ومعرفة الإمام ) .
لهذا فإن معرفة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ليس مسألة بسيطة ، فقد شاء الله تعالى أن يكون الحق في هذه الدنيا صعب المنال: جل جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد .

يروي الشيخ الجليل محمد بن علي بن بابويه الصدوق ، عن شيخه محمد بن الحسن الوليد ، وهو معتمد الصدوق ، فضلاً عن وثاقته الخاصة ، عن الثقتين الجليلين محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبدالله ، كلاهما عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه علي بن يقطين ، أحد وزراء عند هارون الرشيد المقربين ، والثقة المعتمد عند الكل..

فعلوُّ سند الرواية واضح للخبير الرجالي مع مراعاة دقائق علم الرجال .

قال علي بن يقطين: استدعى الرشيد رجلاً يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ويقطعه ويخجله في المجلس ، فانتدب له رجل مُعزِّم ، فلما أحضرت المائدة عمل ناموساً على الخبز ، فكان كلما رام خادم أبي الحسن عليه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه ، واستفزَّ هارون الفرح والضحك لذلك ، فلم يلبث أبو الحسن عليه السلام أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعض الستور ، فقال له: يا أسد الله ، خذ عدو الله !

قال: فوثبت تلك الصورة كأعظم مايكون من السباع ، فافترست ذلك المعزم ، فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشياً عليهم، وطارت عقولهم خوفاً من هول ما رأوه ، فلما أفاقوا من ذلك بعد حين ، قال هارون لأبي الحسن عليه السلام : أسألك بحقي عليك ، لما سألت الصورة أن ترد الرجل .
فقال: إن كانت عصى موسى عليه السلام ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم ، فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل ، فكان ذلك أعمل الأشياء في إفاقة نفسه) . ( أمالي الصدوق ص212).

أراد هارون أن يبطل أمر موسى بن جعفر ، هارون هذا الذي يروون عنه أنه كان يخاطب السحابة ويقول لها: أمطري أينما شئت فإن خراجك يصل اليَّ !
والذي كان العلماء والسحرة تحت يده، فاستدعى رجلاً (يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ) !
وأمْرُ الإمام الكاظم عليه السلام هو قوله وقول شيعته بأنه إمام من الله تعالى .
.
أراد هارون أن يُبطل أمر الإمام الذي حبسه أربع سنوات أو سبع سنوات في ظُلَم المطامير وقيود الزناجير ، فلم يخضع لطغيانه ، ولم يلفظ فمه الشريف بكلمة استعطاف له !!

فاستدعى أقدر ساحر في طول أمبراطوريته وعرضها ، فعمل له ناموساً ، والناموس في اصطلاح أرباب السحر والعلوم الخفية اسم لنوع متطور من القدرة على السحر.. عمل ناموساً على الخبز ، فكان كلما رام خادم أبي الحسن عليه السلام تناول رغيفاً من الخبز طار من بين يديه !

وفرح الأمبراطور هارون بذلك ، واستفزه الفرح وأخذه الضحك والقهقهة هو ووزراؤه وندماؤه ، يسخرون من هذا الذي يدعي أنه إمام من الله تعالى ، ويعتقد هو وشيعته أن هاروناً غاصب لمنصبه !

وتصور هارون أنه حقق هدفه ، فالذي يدعون له أنه (حجة الله على العباد) غلبه ساحر موظف عند هارون، فلم يستطع خادمه أن يتناول له رغيف خبز ! لكن فرح هارون لم يطل، فقد استعمل الإمام عليه السلام بعض ما أعطاه الله من قدرة وهو أعرف متى يستعملها ومتى لايستعملها ، ونظر الى صورة أسد في ستائر قاعة هارون وأمره أن يبتلع الساحر المعزم ففعل ، وغشي على هارون وملإه!!

رأيتم سند الحديث ومتنه ، أما فقهه فلايمكن استيفاؤه في عدة دروس ومجالس ..
عندما تقرؤون الرواية عن أهل البيت عليهم السلام .. إفهموها أولاً ، ثم عرفوا الناس بمقامات أهل البيت الطاهرين عليهم السلام .

يتبع .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق