في طريق السالكين إلى الله ج21
تنبيهات هامة حول الزهد :
الأول :
أنّ مَن يرغب في تقليل الاستفادة من مُتَع الدنيا:
بأن يجعل تمتّعه بها أقل من حدّ الاعتدال يجب أن لا يكون ذلك بروح الرغبة عنها وكُرهها والعزوف عنها؛ فتشمله النواهي الواردة في الكتاب والسُنّة وذلك من قبيل قوله تعالى:
يا أيّها الذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ اللَّه لكم...
بل يكون بروح الإيثار وتقديم الآخرين على نفسه،
والإيثار لا يكون إلّا في ماهو محبوب،
قال اللَّه تعالى:
لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون...
فإن كان ابتعاده بالقدر المعقول عن الإكثار من النِّعم المادّية بهذه الروح فلن يؤدّي ذلك إلى ترك خيرات البلاد وبركاتها للكافر المستكبر أو للفاسق المتجبّر، بل ينسجم ذلك مع سعيه في نفس الوقت لطرد المستكبرين والمتجبّرين، وحصر الخيرات والبركات بقدر الإمكان للمؤمنين والمسلمين؛ كي يستفيدوا منها، ويتنعّموا بها، ويبذلوها - أيضاً - في سبيل اللَّه وفي سبيل إحياء كلمة اللَّه، فإنّ روح الإيثار لا تكون بمجرد ترك النِّعم، بل تكون بتحصيلها؛ لكي يبذلها للآخرين، وينعّم المسلمين بها، ويكون ببذل التعب في فتح باب البركات لأجل الآخرين، لا لأجل ملذّات نفسه.
وكذلك التقمّص بالحكم يجب أن يكون بروح تحمّل المسؤولية والخدمة، لا بروح التلذّذ بالمنصب والتفكّه بالرئاسة، أو بروح الظلم والإجحاف لا سمح اللَّه.
من بحوث آية الله العظمى السيد كاظم الحائري دام ظله.
يتبع في الحلقات القادمة بإذن الله ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق