تعظيم اليوم الأول من شعبان وفضل الاعمال الحسنة فيه .
عن أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول لله ص قال
و الذي بعثني بالحق نبيا إن إبليس إذا كان أول يوم من شعبان بث جنوده في أقطار الأرض و آفاقها يقول لهم اجتهدوا في اجتذاب بعض عباد الله إليكم في هذا اليوم و إن الله عز و جل يبث ملائكته في أقطار الأرض و آفاقها يقول لهم سددوا عبادي و أرشدوهم و كلهم يسعد بكم إلا من أبى و تمرد و طغا فإنه يصير في حزب إبليس و جنوده و إن الله عز و جل إذا كان أول يوم من شعبان أمر بأبواب الجنة فتفتح و يأمر شجرة طوبى فتطلع أغصانها على هذه الدنيا ثم أمر بأبواب النار فتفتح و يأمر شجرة الزقوم فتطلع أغصانها على هذه الدنيا ثم ينادي منادي ربنا عز و جل يا عباد الله هذه أغصان شجرة طوبى فتمسكوا بها ترفعكم إلى الجنة و هذه أغصان شجرة الزقوم فإياكم و إياها لا تؤديكم إلى الجحيم
قال فو الذي بعثني بالحق نبيا إن من تعاطى بابا من الخير في هذا اليوم تعاطى بابا من الخير في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة طوبى فهو مؤديه إلى الجنة و من تعاطى بابا من الشر في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم فهو مؤديه إلى النار
ثم قال رسول الله ( ص ) فمن تطوع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن
و من تصدق في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن
و من عفا عن مظلمة فقد تعلق منه بغصن
و من أصلح بين المرء و زوجه و الوالد و ولده و القريب و قريبه و الجار و جاره و الأجنبي و الأجنبية فقد تعلق منه بغصن
و من خفف عن معسر من دينه أو حط عنه فقد تعلق منه بغصن
و من نظر في حسابه فرأى دينا عتيقا قد آيس منه صاحبه فأداه فقد تعلق منه بغصن
و من كفل يتيما فقد تعلق منه بغصن و من كف سفيها عن عرض مؤمن فقد تعلق منه بغصن و من قرأ القرآن أو شيئا منه فقد تعلق منه بغصن
و من قعد يذكر الله و لنعمائه يشكره فقد تعلق منه بغصن
و من عاد مريضا و من شيع فيه جنازة و من عزى فيه مصابا فقد تعلقوا منه بغصن
و من بر والديه أو أحدهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن
و من كان أسخطهما قبل هذا اليوم فأرضاهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن
و كذلك من فعل شيئا من سائر أبواب الخير في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن
ثم قال رسول الله ( ص ) و الذي بعثني بالحق نبيا و إن من تعاطى بابا من الشر و العصيان في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم فهو مؤديه إلى النار
ثم قال رسول الله ( ص ) و الذي بعثني بالحق نبيا فمن قصر في صلاته المفروضة و ضيعها فقد تعلق بغصن منه
و من كان عليه فرض صوم ففرط فيه و ضيعة فقد تعلق بغصن منه
و من جاءه في هذا اليوم فقير ضعيف يعرف سوء حاله فهو يقدر على تغيير حاله من غير ضرر يلحقه و ليس هناك من ينوب عنه و يقوم مقامه فتركه يضيع و يعطب و لم يأخذ بيده فقد تعلق بغصن منه
و من اعتذر إليه مسيء فلم يعذره ثم لم يقتصر به على قدر عقوبة إساءته بل أربى عليه فقد تعلق بغصن منه
و من ضرب بين المرء و زوجه و الوالد و ولده أو الأخ و أخيه أو القريب و قريبه أو بين جارين أو خليطين أو أختين فقد تعلق بغصن منه
و من شدد على معسر و هو يعلم إعساره فزاد غيظا و بلاء فقد تعلق بغصن منه
و من كان عليه دين فكسره على صاحبه و تعدى عليه حتى أبطل دينه فقد تعلق بغصن منه
و من جفا يتيما و آذاه و تهزم ماله فقد تعلق بغصن منه
و من وقع في عرض أخيه المؤمن و حمل الناس على ذلك فقد تعلق بغصن منه
و من تغنى بغناء حرام يبعث فيه على المعاصي فقد تعلق بغصن منه
و من قعد يعدد قبائح أفعاله في الحروب و أنواع ظلمه لعباد الله فيفتخر بها فقد تعلق بغصن منه و من كان جاره مريضا فترك عيادته استخفافا بحقه فقد تعلق بغصن منه
و من مات جاره فترك تشييع جنازته تهاونا به فقد تعلق بغصن منه
و من أعرض عن مصاب و جفاه إزراء عليه و استصغارا له فقد تعلق بغصن منه و من عق والديه أو أحدهما فقد تعلق بغصن منه
و من كان قبل ذلك عاقا لهما فلم يرضهما في هذا اليوم و هو يقدر على ذلك فقد تعلق بغصن منه
و كذا من فعل شيئا من سائر أبواب الشر فقد تعلق بغصن منه
و الذي بعثني بالحق نبيا إن المتعلقين بأغصان شجرة طوبى ترفعهم تلك الأغصان إلى الجنة و إن المتعلقين بأغصان شجرة الزقوم تخفضهم تلك الأغصان إلى الجحيم ثم رفع رسول الله ( ص ) طرفه إلى السماء مليا و جعل يضحك و يستبشر ثم خفض طرفه إلى الأرض فجعل يقطب و يعبس ثم أقبل على أصحابه فقال و الذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد رأيت شجرة طوبى ترتفع أغصانها و ترفع المتعلقين بها إلى الجنة و رأيت فيهم من تعلق منها بغصن و منهم من تعلق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على الطاعات و إني لأرى زيد بن حارثة قد تعلق بعامة أغصانها فهي ترفعه إلى أعلى علائها فبذلك ضحكت و استبشرت ثم نظرت إلى الأرض فو الذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت شجرة الزقوم تنخفض أغصانها و تخفض المتعلقين بها إلى الجحيم و رأيت منهم من تعلق بغصن و رأيت منهم من تعلق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على القبائح و إني لأرى بعض المنافقين قد تعلق بعامة أغصانها و هي تخفضه إلى أسفل دركاتها فلذلك عبست و قطبت
ثم أعاد رسول الله ( ص ) بصره إلى السماء ينظر إليها مليا و هو يقطب و يعبس
ثم أقبل على أصحابه فقال يا عباد الله لو رأيتم ما رآه نبيكم محمد إذا لأظمأتم لله بالنهار أكبادكم و لجوعتم له بطونكم و لأسهرتم له ليلكم و لأنصبتم فيه أقدامكم و أبدانكم و لأنفدتم بالصدقة أموالكم و عرضتم للتلف في الجهاد أرواحكم قالوا و ما هو يا رسول الله ( ص ) فداك الآباء و الأمهات و البنون و البنات و الأهلون و القرابات
قال رسول الله ( ص ) و الذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت تلك الأغصان من شجرة طوبى عادت إلى الجنة فنادى منادي ربنا خزانها يا ملائكتي انظروا كل من تعلق بغصن من أغصان طوبى في هذا اليوم فانظروا إلى مقدار منتهى ظل ذلك الغصن فأعطوه من جميع الجوانب مثل مساحته قصورا و دورا و خيرات فأعطوه ذلك فمنهم من أعطي مسيرة ألف سنة من كل جانب و منهم من أعطي ثلاثة أضعافه و أربعة أضعافه و أكثر من ذلك على قدر قوة إيمانهم و جلالة أعمالهم و لقد رأيت صاحبكم زيد بن حارثة أعطي ألف ضعف ما أعطي جميعهم على قدر فضله عليهم في قوة الإيمان و جلالة الأعمال فلذلك ضحكت و استبشرت و لقد رأيت تلك الأغصان من شجرة الزقوم عادت إلى جهنم فنادى منادي ربنا خزانها يا ملائكتي انظروا من تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم في هذا اليوم فانظروا إلى منتهى مبلغ ظل ذلك الغصن و ظلمته فابنوا له مقاعد من النار من جميع الجوانب مثل مساحته قصور نيران و بقاع غيران و حيات و عقارب و سلاسل و أغلال و قيود و أنكال يعذب بها فمنهم من أعد فيها مسيرة سنة أو سنتين أو مائة سنة أو أكثر على قدر ضعف إيمانهم و سوء أعمالهم و لقد رأيت لبعض المنافقين ألف ضعف ما أعطي جميعهم على قدر زيادة كفره و شره فلذلك قطبت و عبست ثم نظر رسول الله ( ص ) إلى أقطار الأرض و أكنافها فجعل يتعجب تارة و ينزعج تارة ثم أقبل على أصحابه فقال طوبى للمطيعين كيف يكرمهم الله بملائكته و الويل للفاسقين كيف يخذلهم الله و يكلهم إلى شيطانهم و الذي بعثني بالحق نبيا إني لأرى المتعلقين بأغصان شجرة طوبى كيف قصدتهم الشياطين ليغووهم فحملت عليهم الملائكة يقتلونهم و يسخطونهم و يطردونهم عنهم و ناداهم منادي ربنا يا ملائكتي ألا فانظروا كل ملك في الأرض إلى منتهى مبلغ نسيم هذا الغصن الذي تعلق به متعلق فقاتلوا الشيطان عن ذلك المؤمن و أخروهم عنه فإني لأرى بعضهم و قد جاءه من الأملاك من ينصره على الشياطين و يدفع عنه المردة ألا فعظموا هذا اليوم من شعبان من بعد تعظيمكم لشعبان فكم من سعيد فيه و كم من شقي لتكونوا من السعداء فيه و لا تكونوا من الأشقياء ./ تفسير الامام العسكري (ع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق